سورة الكهف - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


فذلك قوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَا} يعني موسى وفتاه {مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا} أي: بين الفريقين {نَسِيَا} تركا {حُوتَهُمَا} وإنما كان الحوت مع يوشع وهو الذي نسيه وأضاف النسيان إليهما لأنهما جميعا تزوداه لسفرهما كما يقال: خرج القوم إلى موضع كذا وحملوا من الزاد كذا وإنما حمله واحد منهم.
{فَاتَّخَذَ} أي الحوت {سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} أي مسلكا. وروي عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انجاب الماء عن مسلك الحوت فصار كوة لم يلتئم فدخل موسى الكوة على أثر الحوت فإذا هو بالخضر».
قال ابن عباس: جعل الحوت لا يمس شيئا من البحر إلا يبس حتى صار صخرة.
وقال الكلبي: توضأ يوشع بن نون من عين الحياة فانتضح على الحوت المالح في المكتل من ذلك الماء فعاش ثم وثب في ذلك الماء فجعل يضرب بذنبه فلا يضرب بذنبه شيئا من الماء وهو ذاهب إلا يبس.
وقد روينا أنهما لما انتهيا إلى الصخرة وضعا رءوسهما فناما واضطرب الحوت فخرج وسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا فأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق فلما استيقظ موسى نسي صاحبه أن يخبره فانطلقا حتى إذا كان من الغد. قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاوَزَا} يعني ذلك الموضع وهو مجمع البحرين {قَالَ} موسى {لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا} أي طعامنا والغداء ما يعد للأكل غدوة والعشاء ما يعد للأكل عشية {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} أي: تعبا وشدة وذلك أنه ألقي على موسى الجوع بعد مجاوزة الصخرة ليتذكر الحوت ويرجع إلى مطلبه.


{قَالَ} له فتاه وتذكر {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} وهي صخرة كانت بالموضع الموعود قال معقل بن زياد: هي الصخرة التي دون نهر الزيت {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} أي تركته وفقدته وذلك أن يوشع حين رأى ذلك من الحوت قام ليدرك موسى فيخبره فنسي أن يخبره فمكثا يومهما حتى صليا الظهر من الغد.
قيل في الآية إضمار معناه: نسيت أن أذكر لك أمر الحوت ثم قال: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} أي: وما أنسانيه أن أذكر لك أمر الحوت إلا الشيطان وقرأ حفص: {أَنْسَانِيهُ} وفي الفتح: {عَلَيْهُ اللَّهَ} بضم الهاء.
وقيل معناه أنسانيه لئلا أذكره.
{وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا} قيل: هذا من قول يوشع، ويقول: طفر الحوت إلى البحر فاتخذ فيه مسلكا فعجبت من ذلك عجبا.
وروينا في الخبر: كان للحوت سربا ولموسى وفتاه عجبا.
وقيل: هذا من قول موسى لما قال له يوشع واتخذ سبيله في البحر قال له موسى: عجبا كأنه قال: أعجب عجبا.
قال ابن زيد: أي شيء أعجب من حوت يؤكل منه جهرا ثم صار حيا بعدما أكل بعضه؟. {قَالَ} موسى {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} أي نطلب {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} أي: رجعا يقصان الأثر الذي جاء منه أي: يتبعانه فوجدا عبدا من عبادنا قيل: كان ملكا من الملائكة، والصحيح الذي جاء في التواريخ وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه الخضر واسمه بليا بن ملكان قيل: كان من نسل بني إسرائيل. وقيل: كان من أبناء الملوك الذين تزهدوا في الدنيا والخضر لقب له سمي بذلك لما:
أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي أنبأنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان حدثنا أحمد بن يوسف السلمي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما سمي خضرا لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضرا».
قال مجاهد: سمي خضرا لأنه إذا صلى اخضر ما حوله.
وروينا: أن موسى رأى الخضر مسجى بثوب فسلم عليه فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
وفي رواية أخرى لقيه مسجى بثوب مستلقيا على قفاه بعض الثوب تحت رأسه وبعضه تحت رجليه. وفي رواية لقيه وهو يصلي. ويروى لقيه على طنفسة خضراء على كبد البحر فلذلك قوله تعالى:


{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً} أي نعمة {مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} أي: علم الباطن إلهاما ولم يكن الخضر نبيا عند أكثر أهل العلم.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13